الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

من لا يعتبر يندثر - د. ناصر السخني


* بعد سقوط النظام الليبي وهروبِ الطاغية وَجَبَ على الأنظمةِ الظالمةِ وعلى رأسها النظام السوري أن يصل إلى العبرة بأن الحلَّ الأمني السائد في الأنظمة الشمولية لا يُجدي نفعاً أمام الطوفان الشعبي الهادر، وأن الخيار الوحيد الباقي للمحافظ على ما تبقى هو فقط الرضوخ والاستسلام والانصياع الفوري والعملي للإرادة الشعبية.









* إذا ثارتْ الشعوب ولم يَعُد يؤثر فيها تحذير السيف والاستبداد فإن قانون الطوارئ لن يسكتها ، كما أن إلغاءهُ لن يُثنيها عن هِمّتها, وإن قرّرت الشعوب الخروج من قاع بئر الذُّل والهوانِ ، فلن تتراجع بالتشريد والتعذيب والاعتقال والقتل ، لأنها عرفت طريق الخلاص, والعبرة : أنَّ المظلومَ الذي خرج من السجنِ لن يرضى بالعودة إليه مهما كلفه ذلك. 



* المراهنة من قِبل النظام السوري على الدعم الإيراني الصفوي لهُ سيبوء في النهاية بالفشل ، وكما راهنت الأنظمة التي سقطت على حلفائها – وما أكثرهم – ولكنهم لم يستطيعوا عمل شيءٍ أمام السيل العارم للشعب القادم ..... وماذا ستفعل إيران أمام تجميد الأرصدة ، والحظر النفطي ، والحصار الاقتصادي.... وإلى متى؟! والعبرة في النهاية : كُلٌّ سيقول اللهمَّ نفسي .



* إن أكذوبة المؤامرة – والتي لا أنفيها كليّاً – أصبحت سلاحاً بالياً لم يستفد منهُ النظام الليبي ولن يستفيد منهُ النظام السوري للمحافظة على كيانه ، وأن أبواق النظام التي تنادي إلى التعبئة والتلاحم ضد العدو المفترض أو المجهول لم يعد منها سوى الصدى. والعبرة هنا : ما عاد يُضحك على الشعب باللكمات التخديرية الزائفة كما مضى ، وما عاد الشعب يُسلّم بما يقولهُ القائد الملهم. والمصدوم هنا هو النظام الذي زرع هذهِ النظريات في نفوسِ الشعب، مصدومٌ من الغرب الذي عَزّز في الماضي هذه النظريات بانقلابه عليه ورفضه لنظرية المؤامرة .



* أن الثورة الشعبية في سوريا لن تتراجع, وكما أن الضغوط الدولية على سوريا لن تتقلّص، فإن عنجهيّة النظام كذلك لن تتوقف. والعبرة هي أن كل الجهات وصلتْ إلى نقطة اللا رجوع ، كما وصل الثوار والنظام الليبي إليها من قبل؛ فكان لا بُدَّ من أن ينهار النظام مهما طال الأمد .



* والحقُّ أقول : أن القذافي لم ينظِّم حملاتٍ عسكريّة متتالية على مدنٍ وقُرى كما فعل بشار, ولم يقطع طُرق العيش والتواصل بين المُتَظاهرين الثائرين ؛بل والماء والكهرباء والحليب والدواء، ولم يضرب أطواقاً أمنيّة على مُدُنٍ ليدكّها بالمدافع ويهدم المساجد, ويستبيح الحرمات, ولم يخترق جدار الصوت بطائراته ولم يوغل في دماء الأطفال والشيوخ ليصبغ الساحات والميادين والمدن والقرى باللون الأحمر القاني؛ كما فعل بشار ، والعبرة هنا أن سقوط بشّار سيكون أكثر ذُلّاً وأشد مراراً, وأبشع قهراً إن شاء الله, لأن من لا يعتبر يندثر.
22/8/2011

هناك تعليق واحد:

  1. والله يا دكتور أنك تقول الحق وتضع يدك على الجرح
    والله المستعان

    ردحذف