الخميس، 1 سبتمبر 2011

أغيثوا الشعب السوري الأعزل - د. ناصر السخني

    إنَّ صمتَ معظمِ الدولِ الغربيةِ ومن بعدها العربية على ما جرى في ليبيا بدايةً لم يَدُمْ طويلاً، والموقف الدوليّ الموافق للمواقف العربيّة أدى إلى دعمِ الثوّار لتحقيقِ أهداف ثورتهم..... والجميع صفّق في النهاية للثوّار، وباركوا سقوط النظام؛ لأن مشاريع المستقبل تقتضي ذلك.

   




 تُرى كم هو حجم المسؤوليّة التي سَتَتحمّلُها الدول الغربيّة ومن قبلها العربيّة إذ بسكوتهم وتباطئهم صاروا بمثابةِ داعمين لنظام القمع الدموي في سوريا، لنظامٍ عاث فساداً وقتلاً وتشريداً واعتقالاً.....؟!!

    تُرى هل سيسامح الشعب السوريّ الأعزل دُعاة الدبلوماسيّة والحوار والقنوات السياسيّة....؟!  وهل سيصفح الشعب عن المعارضين السوريين – في الداخل والخارج – لرفضهم أي تدخّل أجنبي لاستدراك هذهِ الكارثة....؟!!

ولنسأل أنفسنا هذهِ الأسئلة كي نستعين على فهم الموقف:

-     لماذا يُغضّ الطرف عن الجرائم والبطش أمام الصور والفيديوهات الواضحة الفاضحة؟!!

-     إلى أيّ حد يجب أن تتعاظمَ النكبة حتى نرى الحراكَ الداعمَ لشعبٍ تُهمتهُ أنّهُ تطلّع إلى الحريّة والكرامة بعد عقود الإذلال؟!!

-     كم عدد القوانين والأعراف التي يجب أن تُخترق حتى يقول العالَمُ كلمته؟!!

-     إلى كم يجب أن يصل عدد المغتصباتِ المستغيثاتِ الصارخات : واغوثاه، واسلاماه،  واعرباه, وابشراه ...) حتى يقال لهنَّ: لبيك؟!!

-     إلى كم يجب أن يصلَ عدد القتلى والمعتقلين حتى يتحرك الضمير والحسّ الإنساني؟!

-     إلى كم يجب أن يصل عدد الفارّين واللاجئين شمالاً إلى تركيا, وجنوباً إلى الأردن, وغرباً إلى لبنان.... حتى يُقال: كفى!!

-     حتامَ يصبر المدنيون أمام الدبابات, وقصف المدافع, والقنابل المسمارية, وتحت الطائرات؟؟!!!

   ولمن يحتبس نفسهُ في رأيهِ أمام الجرائم التي ارتكبت وما زالت تُرتكب, ولمن يتمسك بالخيار السلميِّ البحت, ولمن يتحجّر قائلاً: لا نريد الاستقواء بالأجنبي، لا نُريد عراقاً آخر، لا نريد الاستعمار لبلادنا.... أقولُ لهُ: لقد استقوى النظام السوري الوحشي بإيران وعصاباتها الصفويّة التي تفتك بما أوتيت من دعمٍ ماديٍّ وبشريٍّ وعسكريٍّ وحقدٍ مذهبي, لقد استقووا بالأسلحة الروسية, والاعتراضات الصينية .... واعتمدوا على تجارب قهر الشعوب وقمع الظاهرات, ومنها تجاربهم.... وهنا لن أبحث في التاريخ الذي يقال أنهُ يعيد نفسَهُ؛ لأنني أعتقد أنَّ الثورة السورية ستكون تاريخاً منهُ يبدأ التاريخ وبعدها سيُعاد.

أيا قُدرةً لجَميعِ الشُّعوبِ ومنْ درّسُوا أُسُسَ الإرتِقَاءْ
فأنتمْ بكلِّ بَسَاطاتِكمْ         أمامَ   مدارسِهمْ   كُبرَاءْ
وأنتمْ بفِطْرةِ ثوْراتِكمْ      تجاوزْتُمُو حِكمةَ الحُكمَاءْ
إرادتكمْ فوقَ كلِّ الدُّرُوْسِ و فوقَ السِّياسَةِ والخُبرَاءْ



    لكنني سأنظرُ إلى أحدثِ التجاربِ: التجربة الليبية التي بدأتُ بالحديث عنها؛ فقد كانت دون عسكريٍّ أجنبيٍّ واحدٍ على أراضيها, ودون استعمارٍ غربيٍّ بأيِّ شكل من أشكاله؛ وحققت الكثير من أهدافها وما تزال ...، وهذا دليلٌ على أن الاستقواء بالأجنبي لهُ أشكال، فاختاروا شكلاً يوقف شلالات الدم... وفكِّروا بالمدنيين الذين تحت سطوة من لا يرحم...



   وإذا كانت الدول الغربية تعمل لصالحها ولاقتصاد شركاتها, وإذا كانوا أفرغوا الديمقراطية من مضموناتها, فهذا لا يعني أن لا بديل, ومهما شحَّت البدائل لا بُدَّ من بديلٍ يا معاشر النُّخب لوقف آلة القتل الدكتاتورية وإراقة الدماء الطاهرة.



   واعلموا جميعاً أن الثورة في سوريا ستحقق ما تصبوا إليه عاجلاً أم آجلاً, وإنَّ أفراد الجيش الشرفاء سينقلبون على النظام تترى.

   واعلموا جميعاً أنَّ شبّيحة النظام سيُرهقهم عتوّهم وسيرهقونَ النظامَ بأجورهم أولاً بأوّل, وأنَّ أصحاب الرشاوى والمذبذبين سيهربون إلى الجحور قريباً , فهؤلاء كلهم لا أهداف حقيقية لهم, ولا أسباب شريفة تبقيهم على ما هم عليه..



   فيا أيها المجتمع الدولي،  يا منظمات الأمم المتحدة، يا جامعة الدول العربيّة، يا مجلس التعاون الخليجي، يا منظمة المؤتمر الإسلامي .... يا كلّ من عنده إنسانيّة أو ضمير من البشر والمسلمين العرب: أغيثوا الشعب السوري الأعزل  قبل أن يسألَ بعضَكم التاريخُ ويلومَه، وقبل أن يذمَّ بعضَكم الآخر ويلعنَه، أنقذوا الشعب السوري ....
 26/8/2011

هناك تعليق واحد:

  1. يا دكتور العزيز
    كل ما توقعته في مقالتك حدث
    ويحدث وما زال
    وما لفت انتباهي قولك؛ أن الثورة السورية ستكون تاريخا منه سيبدأ التاريخ وبعدها سيعاد

    وهذا يعني أن لديك تصورا عن القادم
    نتمنى أن تبوح به وتنورنا
    د. محمد الخالدي


    ردحذف